عليك رب الجبروت والقهر يا بلوجر بظلمك لي وحذفك لصفحات تدويني يا طالم وغبي .

فوضت أمري الي الله الجبار فيك يا بلوجر هو وحده اللي حيهدَّك باضطهادك لي وحذفك لصفحات مدوناتي ينتقم منك ربنا بظلمك لي يا أرعن يا مُحدث يا ظالم أنصحك أن تعرض نفسك علي طبيب نفسي حاذق ليخضعك لعلاج علة النقص والتعقيد التي أصابتك لا أدري من كم سنة ؟

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 فبراير 2024

قاعدة مختصرة في وجوب طاعة الله ورسوله وولاة الأمور لابن تيمية


 

قاعدة مختصرة في وجوب طاعة الله ورسوله وولاة 

 

الأمور  لابن تيمية


الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﷺ تسليمًا.

أما بعد، فهذه قاعدةٌ مختصرةٌ في وجوب طاعة الله ورسوله في كل حال على كل أحدٍ، وأن ما أمر الله به ورسوله من طاعة الله وولاة الأمور ومناصحتهم واجبٌ، وغير ذلك من الواجبات.

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

فأمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر منهم، كما أمرهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم إذا تنازعوا في شيء أن يردوه إلى الله والرسول.

قال العلماء: الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول بعد موته هو الرد إلى سنته، قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فجعل الله الكتاب الذي أنزله هو الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.

وفي صحيح مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان إذا قام يصلي بالليل يقول: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».

وفي صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة». قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». 1

وفي صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم».

وفي السنن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وزيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «نضر الله امرأً سمع منا حديثًا فبلغه إلى من لم يسمعه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه غير فقيه، ثلاثٌ لا يغل عليهن قلبُ مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم».

و"يغل" بالفتح هو المشهور، 2 ويقال: غلى صدره فغل 3 إذا كان ذا غشٍ وضغنٍ وحقدٍ، أي: قلب المسلم لا يغل على هذه الخصال الثلاثة، وهي الثلاثة المتقدمة في قوله: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» فإن الله إذا كان يرضاها لنا لم يكن قلب المؤمن الذي يحب ما يحبه الله يغل عليها، يبغضها ويكرهها فيكون في قلبه عليها غل، بل يحبها قلب المؤمن ويرضاها». 4

وفي صحيح البخاري ومسلم وغيرها عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول أو نقوم بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم».

وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن عمر عن النبي ﷺ أنه قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك».

ومعنى قوله: "وأثرة عليك" و"أثرة علينا" أي: وإن استأثر ولاة الأمور عليك فلم ينصفوك ولم يعطوك حقك، كما في الصحيحين عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلًا من الأنصار خلا برسول الله ﷺ، فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض».

وهذا كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم».

وفي صحيح مسلم عن وائل بن حُجْر رضي الله عنه قال: سأل سلمةً بن يزيد الجُعْفيُّ رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم، ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث ابن قيس فقال رسول الله ﷺ: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا، وعليكم ما حُمِّلتم».

فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم هو واجب على المسلم وإن استأثروا عليه، وما نهى الله عنه ورسوله ﷺ معصيتهم فهو محرم عليه وإن أكره عليه. 5

فصل

وما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب على الإنسان وإن لم يعاهدهم عليه، وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة، كما يجب عليه الصلواتُ الخمس والزكاة والصيام وحج البيت وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة، فإذا حلف عل ذلك توكيدًا وتثبيتًا لما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم، فالحالف على هذه الأمور لا يحل له أن يفعل خلاف المحلوف عليه سواء حلف بالله أو غير ذلك من الأيمان التي يحلف بها المسلمون، فإن ما أوجبه الله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجبٌ وإن لم يحلف عليه، فكيف إذا حلف عليه!؟ وما نهى الله ورسوله عن معصيتهم وغشهم محرم وإن لم يحلف على ذلك.

وهذا كما أنه إذا حلف ليصلينّ الخمس، وليصومنَّ شهر رمضان، أو ليقضين الحق الذي عليه ويشهدن بالحق، فإن هذا واجبٌ عليه وإن لم يحلف عيه، فكيف إذا حلف عليه؟ وما نهى الله عنه ورسوله من الشرك والكذب وضرب الخمر والظلم والفواحش وغش ولاة الأمور والخروج عما أمر الله به من طاعتهم هو محرم وإن لم يحلف عليه، فكيف إذا حلف عليه؟

ولهذا من كان حالفًا على ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم أو الصلاة أو الزكاة أو صوم رمضان أو أداء الأمانة والعدل ونحو ذلك، لا يجوز لأحدٍ أن يفتيه بمخالفة ما حلف عليه والحنث في يمينه، ولا يجوز له أن يستفتي في ذلك. ومن أفتى مثل هؤلاء بمخالفة ما حلفوا عليه والحنث في أيمانهم فهو مفترٍ على الله الكذب، مفتٍ بغير دين الإسلام، بل لو أفتى آحاد العامة بأن يفعل خلاف ما حلف عليه من الوفاء في عقد بيع أو نكاح أو إجاره أو غير ذلك مما يجب عليه الوفاء به من العقود التي يجب الوفاء بها وإن لم يحلف عليها، فإذا حلف كان أوكد، فمن أفتى مثل هذا بجواز نقض هذه العقود والحنث في يمينه كان مفتريًا على الله الكذب مفتيًا بغير دين الإسلام، فكيف إذا كان ذلك في معاقدة ولاة الأمور التي هي أعظم العقود التي أمر الله بالوفاء بها. 6

وهذا كما أن جمهور العلماء يقولون: يمين المكره بغير حق لا ينعقد سواء كان بالله أو النذر أو الطلاق أو العتاق، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد.

ثم إذا أكره ولي الأمر الناس على ما يجب عليهم من طاعته ومناصحته وحلفهم على ذلك لم يجز لأحدٍ أن يأذن لهم في ترك ما أمر الله به ورسوله من ذلك، ويرخصَ لهم في الحنث في هذه الأيمان هـ لأن ما كان واجبًا بدون اليمين فاليمين تقويه لا تضعفه، ولو قدر أن صاحبها أكره عليها.

ومن أراد أن يقول بلزوم المحلوف مطلقًا في بعض الأيمان؟ لأجل تحليف ولاة الأمور أحيانًا، قيل له. وهذا يرد عليك فيما تعتقده في يمين المكره، فإنك تقول: لا يلزم فان حلف بها ولاة الأمور، ويرد عليك في أمورٍ كثيرةٍ تفتي بها في الحيل، مع ما فيه من معصية الله تعالى ورسوله وولاة الأمور.

أما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم، بوجه من الوجوه، كما قد عُرف من عادات أهل السنة، الدين قديمًا وحديثًا ومن سيرة غيرهم.

وقد ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي ﷺ، أنه قال: «ينصب لكل غادر لواءٌ يوم القيامة عند أسته بقدر غدره» قال: وإن من أعظم الغدر يعني بإمام المسلمين، 7 وهذا حدّث به عبد الله بن عمر لما قام قوم من أهل المدينة يخرجون عن طاعة ولي أمرهم ينقضون بيعته". 8

وفي صحيح مسلم عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثًا، سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من خلع يدًا [من طاعة] لقي الله يوم القيامة ولا حُجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ مات ميتةً جاهليةً».

وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «من رأى من أمير شيئًا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحدٌ من الناس يخرج من السلطان شبرًا فمات عليه إلاّ مات ميتةً جاهليةً».

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات مات ميتةً جاهليةً، عن قاتل تحت راية عُمِّيَّةٍ، يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصية فقُتل فقتلةٌ جاهليةٌ». وفي لفظ: «ليس من أمتي من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشا من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدها، فليس مني ولست منه».

فالأول: هو الذي يخرج من طاعة ولي الأمر ويفارق الجماعة.

والثاني: هو الذي يقاتل لأجل العصبية والرياسة لا في سبيل الله، كأهل الأهواء مثل قيس ويمن.

والثالث: مثل الذي يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي، ليأخذ ماله، وكالحرورية المارقين الذين قاتلهم علي بن أبي طالب الذين قال فيهم النبي ﷺ: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاكم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنَّ في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة». 9

وقد أمر النبي ﷺ بطاعة ولي الأمر وإن كان عبدًا حبشيًا، كما في صحيح مسلم عن النبي ﷺ قال: «اسمعوا وأطيعوا وإن استمعل عليكم عبدٌ حبشيٌ كأنَّ رأسه زبيبةٌ». 10

وعن أبي ذر قال: أوصاني خليلي: «أن اسمعوا وأطيعوا ولو كان حبشيًا مجدع الأطراف». 11

وعند البخاري: «ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة». 12

وفي صحيح مسلم عن أم الحصين رضي الله عنها: سمعت رسول الله ﷺ بحجة الوداع وهو يقول: «ولو استعمل عبدٌ 13 يقودكم بكتاب الله، اسمعوا وأطيعوا»، وفي رواية: «عبد حبشي مجدعًا».

وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عيكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية [الله] فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعةٍ».

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «إن المقسطين عند الله على منابر من نورٍ عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا».

وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به».

وفي الصحيحين عن الحسن البصري قال: عاد عبيد الله 14 بن زياد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه فقال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله ﷺ، إني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنَّة».

وفي رواية لمسلم: «ما من أمير يلي من أمر المسلمين شيئًا لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنَّة».

وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، [فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئولٌ عن رعيته] والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسئولة عنه، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».

وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه: أن النبي ﷺ بعث جيشًا وأمَّر عليهم رجلًا، فأوقد نارًا، فقال: ادخلوها. فأراد الناس أن يدخلوها، وقال الآخرون: إنا فررنا منها، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة، وقال للآخرين: قولًا حسنًا، وقال: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف».

فصل

قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}. وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}. وقال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}. وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.

فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية فإن اعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم، فما له في الآخرة من خلاق.

وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجلٌ على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلًا بسلعةٍ بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقَّه وهو [على] غير ذلك، ورجلٌ بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفي، وإن لم يعطه منها لم يف».

هامش

روى ابن أبي عاصم في السنة (2/ 507) عن النبي ﷺ قال: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه». قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي في الرياض الناضرة: "وأما النصيحة لأئمة المسلمين، وهم ولاتهم من السلطان الأعظم إلى الأمير، إلى القاضي إلى جميع من لهم ولاية صغيرة أو كبيرة، فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم، وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم، وذلك باعتقاد إمامتهم والاعتراف بولايتهم، ووجوب طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحث الرعية على طاعتهم، ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسله، وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم، وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم، كل أحد بحسب حاله، والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم، واجتناب سبهم والقدح فيهم وإشاعة مثالبهم، فإن في ذلك شرًا وضررًا وفسادًا كبيرًا فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك، وعلى من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سرًا لا علنًا بلطف وعبارة تليق بالمقام ويحصل بها المقصود، فإن هذا مطلوب في حق كل أحد، وبالأخص ولاة الأمور، فإن تنبيههم عل هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص،. واحذر أيها الناصح لهم عل هذا الوجه المحمود أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم وقلت وقلت. فإن هذا عنوان الرياء، وعلامة ضعف الإخلاص، وفيه أضرار أخر معروفة".

قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث: "وأما قول النبي ﷺ: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن..» فإنه يروى لا يغل ولا يُغِل. فمن قال: يَغِل بالفتح فإنه يجعله من الغل وهو الحقد والضغن والشحناء، ومن قال: يُغِل بضم الياء جعله من الخيانة من الإغلال".

كذا في الأصل، والصواب: غل صدره يغل.

يؤكد هذا المعنى ما في سنن الدارمي: «لا يعتقد قلبُ مسلم على ثلاث خصال إلا دخل الجنة، قال قلت: ما هن؟ قال: إخلاص العمل لله والنصيحة لولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم».

قال ابن أبي العز الحنفي عند شرحه لقول الطحاوي: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا"، قال: "وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل. قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.. وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير فليتركوا الظلم" شرح العقيدة الطحاوية

قال الخطابي في غريب الحديث (2/ 318): "وإنما قيل لهم أهل العقدة؛ لأن الناس قد عقدوا لهم البيعة وأعطوهم الصفقة، ومعنى العُقدة أي: البيعة المعقودة لهم".

أي من أعظم الغدرِ الغدر بإمام المسلمين

متفق عليه. ولفظ البخاري عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي ﷺ يقول: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة» وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله روسوله وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله روسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه. قال التيمي في الحجة: "قال أهل اللغة: والفيصل: القطيعة والهجران". وقال ابن حجر في الفتح (13/ 71): "وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وأنه لا ينخلع بالفسق".

متفق عليه

صحيح البخاري (4/ 329)

صحيح مسلم (3/ 1467).

صحيح البخاري (1/ 230).

في الأصل: "عبدًا".

في الأصل: "عبد الله"

فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف ابن تيمية

 

فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

 

فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف ابن 


تيمية

 

سُئلَ شَيخُ الإسْلام رحمهُ الله تَعَالَى عن رجل متمسك بالسنة ويحصل له ريبة في تفضيل الثلاثة على عليّ، لقوله عليه السلام له: «أنت مني وأنا منك»، وقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وقوله: «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله. . . إلخ » وقوله: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. . . إلخ»، وقوله: «أذكِّركُم الله في أهل بيتي»، وقوله سبحانه: {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ} الآية 1 وقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} الآية 2، وقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية.3.

فَأجَابَ:

 

يجب أن يعلم أولًا: أن التفضيل إذا ثبت للفاضل من الخصائص ما لا يوجد مثله للمفضول، فإذا استويا وانفرد أحدهما بخصائص كان أفضل، وأما الأمور المشتركة فلا توجب تفضيله على غيره.

 

وإذا كان كذلك، ففضائل الصديق رضي الله عنه التي تميز بها لم يشركه فيها غيره، وفضائل عليّ مشتركة، وذلك أن قوله: «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا»، وقوله: «لا يبقى في المسجد خَوْخَة إلا سُدَّتْ، إلا خَوْخَة أبي بكر» وقوله: «إن أمَنَّ الناس على في صحبته وذات يده أبو بكر» وهذا فيه ثلاث خصائص لم يشركه فيها أحد:

 

الأولى: أنه ليس لأحد منهم عليه في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر.

 

الثانية: قوله: «لا يبقى في المسجد. . . إلخ»، وهذا تخصيص له دون سائرهم، وأراد بعض الكذابين أن يروي لعلي مثل ذلك، والصحيح لا يعارضه الموضوع.

 

الثالثة: قوله: «لو كنت متخذًا خليلًا» نص في أنه لا أحد من البشر استحق الخُلَّة لو أمكنت إلا هو، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بها لو تقع.

 

وكذلك أمره له أن يصلي بالناس مدة مرضه من الخصائص، وكذلك تأميره له في المدينة على الحج؛ ليقيم السنة ويمحق آثار الجاهلية فإنه من خصائصه، وكذلك قوله في الحديث الصحيح: «ادع أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابًا» وأمثال هذه الأحاديث كثيرة تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه. وأما قوله: »أنت مني وأنا منك»، فقد قالها لغيره وقالها لسلمان والأشعريين. وقال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ} 4، وقوله ﷺ: «من غَشَّنَا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا»، يقتضي أن من يترك هذه الكبائر يكون منا، فكل مؤمن كامل الإيمان فهو من النبي والنبي منه، وقوله في ابنة حمزة: «أنت مني وأنا منك» وقوله لزيد: «أنت أخونا ومولانا» لا يختص بزيد، بل كل مواليه كذلك.

 

وكذلك قوله: « لأعطين الراية. . . إلخ ». هو أصح حديث يروى في فضله، وزاد فيه بعض الكذابين: أنه أخذها أبو بكر وعمر فهربا، وفي الصحيح أن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فهذا الحديث رد على الناصبة الواقعين في على، وليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} 5، وهم الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر، وفي الصحيح: أنه سأله: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة». قال: فمن الرجال؟ قال: «أبوها»، وهذا من خصائصه.

 

وأما قوله: «أما تَرْضَى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» قاله في غزوة تبوك لما استخلفه على المدينة، فقيل: استخلفه لبغضه إياه، وكان النبي ﷺ إذا غزا استخلف رجلا من أمته، وكان بالمدينة رجال من المؤمنين القادرين، وفي غزوة تبوك لم يأذن لأحد فلم يتخلف أحد إلا لعذر، أو عاص. فكان ذلك الاستخلاف ضعيفًا فطعن به المنافقون بهذا السبب، فبين له: أني لم أستخلفك لنقص عندي، فإن موسى استخلف هارون وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى بذلك؟ ومعلوم أنه استخلف غيره قبله وكانوا منه بهذه المنزلة، فلم يكن هذا من خصائصه، ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف على عليٍّ ولحقه يبكي.

 

ومما بين ذلك: أنه بعد هذا أمَّر عليه أبا بكر سنة تسع، وكونه بعثه لنبذ العهود ليس من خصائصه؛ لأن العادة لما جرت أنه لا ينبذ العهود ولا يعقدها إلا رجل من أهل بيته، فأي شخص من عترته نبذها حصل المقصود، ولكنه أفضل بني هاشم بعد رسول الله ﷺ فكان أحق الناس بالتقدم من سائرهم، فلما أمَّر أبا بكر بعد قوله: «أما ترضى. . . إلخ»، علمنا أنه لا دلالة فيه على أنه بمنزلة هارون من كل وجه، وإنما شبهه به في الاستخلاف خاصة، وذلك ليس من خصائصه.

 

وقد شبه النبي ﷺ أبا بكر بإبراهيم وعيسى، وشبه عمر بنوح وموسى عليهم الصلاة والسلام لما أشارا في الأسرى، وهذا أعظم من تشبيه على بهارون، ولم يوجب ذلك أن يكونا بمنزلة أولئك الرسل، وتشبيه الشيء بالشيء لمشابهته في بعض الوجوه كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب.

 

وأما قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه. . . إلخ» فهذا ليس في شيء من الأمهات؛ إلا في الترمذي، وليس فيه إلا: «من كنت مولاه فعلى مولاه»، وأما الزيادة فليست في الحديث. وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب لوجوه:

 

أحدها: أن الحق لا يدور مع مُعَيَّن إلا النبي ﷺ ؛ لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن عليًا ينازعه الصحابة وأتباعه في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه؛ كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل.

 

وقوله: « اللهم انصر من نصره. . . إلخ »، خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم صِفِّين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا كسعد الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية، وبني أمية الذين قاتلوه، فتحوا كثيرًا من بلاد الكفار ونصرهم الله.

 

وكذلك قوله: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» مخالف لأصل الإسلام ؛ فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض. وقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه » فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه، فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصًا بها، بل ولاية مشتركة، وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين، والموالاة ضد المعاداة، ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم، ففيه رد على النواصب.

 

وحديث «التصدق بالخاتم في الصلاة» كذب باتفاق أهل المعرفة، وذلك مبين بوجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع.

 

وأما قوله: يوم غَدِيرَخُمٍّ: «أذكركم الله في أهل بيتي»، فليس من الخصائص بل هو مساو لجميع أهل البيت، وأبعد الناس عن هذه الوصية الرافضة، فإنهم يعادون العباس وذريته؛ بل يعادون جمهور أهل البيت ويعينون الكفار عليهم .

 

وأما آية المباهلة فليست من الخصائص، بل دعا عليًا وفاطمة وابنيهما، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة، بل لأنهم أخص أهل بيته، كما في حديث الكساء: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرِّجْسَ وطهرهم تطهيرًا».

 

فدعا لهم وخصهم. والأنفس يعبر عنها بالنوع الواحد، كقوله: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا } 6، وقال: {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } 7 أي: يقتل بعضكم بعضًا، وقوله: «أنت مِنِّي وأنا منك» ليس المراد أنه من ذاته، ولاريب أنه أعظم الناس قدرًا من الأقارب، فله من مزية القرابة والإيمان ما لا يوجد لبقية القرابة فدخل في ذلك المباهلة، وذلك لا يمنع أن يكون في غير الأقارب من هو أفضل منه؛ لأن المباهلة وقعت في الأقارب، وقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ. . . } الآية 3، فهي مشتركة بين علي، وحمزة، وعبيدة، بل وسائر البدريين يشاركونهم فيها.

 

وأما سورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} 8 فمن قال: إنها نزلت فيه وفي فاطمة وابنيهما فهذا كذب؛ لأنها مكية والحسن والحسين إنما ولدا في المدينة، وبتقدير صحته فليس فيه أنه من أطعم مسكينا ويتيما وأسيرًا أفضل الصحابة، بل الآية عامة مشتركة فيمن فعل هذا، وتدل على استحقاقه للثواب على هذا العمل، مع أن غيره من الأعمال من الإيمان بالله والصلاة في وقتها والجهاد أفضل من هذا العمل بالإجماع.

 

وهذا جواب هذه المسائل والله تعالى أعلم.

 

واعلم أن كل ما يظن أن فيه دلالة على فضيلة غير أبي بكر، إما أن يكون كذبا على رسول الله ﷺ وإما أن يكون لفظا محتملا لا دلالة فيه، وأما النصوص المفصلة [لأبي بكر] فصريحة مع دلائل أخرى من القرآن والإجماع والاعتبار والاستدلال والله أعلم.

[سبب تسمية الرافضة]

 

وإنما سموا رافضة لأنهم رفضوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يرفضهما أحد من أهل الأهواء غيرهم، والشيعة دونهم وهم الذين يفضلون عليا على عثمان رضي الله عنهما ويتولون أبا بكر وعمر. فأما الرافضة فلها غلو شديد في علي ذهب فيه بعضهم مذهب النصارى في المسيح وهم السبابة، أصحاب عبد الله بن سبأ، وفيهم يقول الحميري:

 

قوم غلو في علي لا أبا لهم ** وأجشموا أنفسا في حبه تعبا

 

قالوا هو الله جل الله خالقنا ** من أن يكون ابن شيئا أو يكون أبا

 

وقد أحرقهم علي رضي الله عنه بالنار.

 

ومن الروافض المغيرة بن سعد مولى بجيلة، قال الأعمش: دخلت على المغيرة بن سعد فسألته عن فضائل علي رضي الله عنه فقال لي: إنك لا تحتملها، قلت: بلى، فذكر آدم عليه السلام فقال: علي خير منه، ثم ذكر من دونه من الأنبياء عليهم السلام فقال: علي خير منهم، حتى انتهى إلى محمد ﷺ فقال: علي مثله، فقلت: كذبت عليك لعنة الله، قال: قد أعلمتك أنك لا تحتمله.

 

ومن الروافض من يزعم أن عليا في السحاب، فإذا أظلتهم سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن، وقد ذكر [ذلك] بعض الشعراء:

 

برئت من الخوارج لستُ منهم ** من الغَزّال منهم وابنِ باب

 

ومن قومٍ إذا ذكروا عليا ** يَرُدّون السلام على السحاب

 

ولكنّي أحبّ بكلّ قلبي ** وأعلم أن ذاكَ من الصواب

رسول الله والصِّديق حقا ** به أرجو غدا حُسن الثواب

(تمت وبالخير عمت على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إليه مغفرة: صالح بن أحمد بن عبد 

القادر، غفر الله له ولوالديه {قلت المدون  آمين ولوالديَّ ولكل من مات علي الايمان والتوبة من اول الخلق الي يوم القيامة}وللمؤمنين والمؤمنات والتائبين جميعا.)

سورة الإخلاص إنها تعدل ثلث القرآن

 
من مجموع الفتاوى/المجلد السابع عشر/سئل شيخ الإسلام في 
 
 تفسير قول النبي في سورة الإخلاص إنها تعدل ثلث القرآن
 
< مجموع الفتاوى‏ | المجلد السابع عشر من جواب أهل العلم والإيمان أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن)
 
 فصل في أصناف الناس في مقام حكمة الأمر والنهي
​مجموع فتاوى ابن تيمية – التفسير​ المؤلف ابن تيمية
سئل شيخ الإسلام في تفسير قول النبي في سورة الإخلاص إنها تعدل ثلث القرآن
سئل عمن يقرأ القرآن، هل يقرأ سورة الإخلاص مرة أو ثلاثا وما السنة في ذلك ←
سئل شيخ الإسلام في تفسير قول النبي في سورة الإخلاص إنها تعدل ثلث القرآن
سئل شيخ الإسلام ومفتي الأنام، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رضي الله عنه عن فتيا صورتها:
ما تقول السادة العلماء في تفسير قول النبي ﷺ في سورة الإخلاص: «إنها تعدل ثلث القرآن» فكيف ذلك مع قلة حروفها، وكثرة حروف القرآن؟ بينوا لنا ذلك بيانًا مبسوطًا شافيًا، وأفتونا مأجورين إن شاء الله تعالى.

فأجاب رضي الله عنه بما صورته:

الحمد لله، الأحاديث المأثورة عن النبي ﷺ في فضل { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وأنها تعدل ثلث القرآن من أصح الأحاديث وأشهرها، حتى قال طائفة من الحفاظ كالدارقطني: لم يصح عن النبي ﷺ في فضل سورة من القرآن أكثر مما صح عنه في فضل { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، وجاءت الأحاديث بالألفاظ كقوله: «قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن»، وقوله: «من قرأ قل هو الله أحد مرة، فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين، فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثًا، فكأنما قرأ القرآن كله»، وقوله للناس: «احتشدوا حتى أقرأ عليكم ثلث القرآن»، فحشدوا حتى قرأ عليهم: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } قال: «والذي نفسي بيده، إنها تعدل ثلث القرآن».
وأما توجيه ذلك، فقد قالت طائفة من أهل العلم: إن القرآن باعتبار معانيه ثلاثة أثلاث: ثلث توحيد، وثلث قصص، وثلث أمر ونهي. و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } هي صفة الرحمن ونسبه، وهي متضمنة ثلث القرآن؛ وذلك لأن القرآن كلام الله تعالى والكلام إما إنشاء وإما إخبار؛ فالإنشاء هو الأمر والنهي، وما يتبع ذلك كالإباحة ونحوها وهو الأحكام. والإخبار، إما إخبار عن الخالق، وإما إخبار عن المخلوق. فالإخبار عن الخالق هو التوحيد، وما يتضمنه من أسماء الله وصفاته، والإخبار عن المخلوق هو القصص، وهو الخبر عما كان وعما يكون، ويدخل فيه الخبر عن الأنبياء وأممهم، ومن كذبهم، والإخبار عن الجنة والنار، والثواب والعقاب. قالوا: فبهذا الاعتبار تكون { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } تعدل ثلث القرآن، لما فيها من التوحيد الذي هو ثلث معاني القرآن.
بقي أن يقال: فإذا كانت تعدل ثلث القرآن مع قلة حروفها، كان للرجل أن يكتفي بها عن سائر القرآن.
فيقال في جواب ذلك: إن النبي ﷺ قال: «إنها تعدل ثلث القرآن»، وعدل الشيء بالفتح يقال على ما ليس من جنسه، كما قال تعالى: { أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا } 1 فجعل الصيام عدل كفارة، وهما جنسان. ولا ريب أن الثواب أنواع مختلفة في الجنة، فإن كل ما ينتفع به العبد ويلتذ به من مأكول ومشروب ومنكوح ومشموم هو من الثواب، وأعلاه النظر إلى وجه الله تعالى وإذا كانت أحوال الدنيا لاختلاف منافعها يحتاج إليها كلها، وإن كان بعضها يعدل ما هو أكبر منه في الصورة، كما أن ألف دينار تعدل من الفضة والطعام والثياب وغير ذلك ما هو أكبر منها، ثم من ملك الذهب فقد ملك ما يعدل مقدار ألف دينار من ذلك، وإن كان لا يستغني بذلك عن سائر أنواع المال التي ينتفع بها؛ لأن المساواة وقعت في القدر لا في النوع والصفة، فكذلك ثواب: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وإن كان يعدل ثواب ثلث القرآن في القدر، فلا يجب أن يكون مثله في النوع والصفة، وأما سائر القرآن ففيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد ما يحتاج إليه العباد؛ فلهذا كان الناس محتاجين لسائر القرآن، ومنتفعين به منفعة لا تغني عنها هذه السورة، وإن كانت تعدل ثلث القرآن.
فهذه المسألة مبنية على أصل، وهو أن القرآن هل يتفاضل في نفسه، فيكون بعضه أفضل من بعض؟ وهذا فيه للمتأخرين قولان مشهوران: منهم من قال: لا يتفاضل في نفسه؛ لأنه كله كلام الله، وكلام الله صفة له قالوا: وصفة الله لا تتفاضل، لا سيما مع القول بأنه قديم، فإن القديم لا يتفاضل، كذلك قال هؤلاء في قوله تعالى: { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } 2، قالوا: فخير إنما يعود إلى غير الآية، مثل نفع العباد وثوابهم.
والقول الثاني: أن بعض القرآن أفضل من بعض، وهذا قول الأكثرين من الخلف والسلف، فإن النبي ﷺ قال في الحديث الصحيح في الفاتحة: «إنه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا الزبور ولا القرآن مثلها»، فنفي أن يكون لها مثل، فكيف يجوز أن يقال: إنه متماثل؟ وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال لأبي بن كعب: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: { اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } 3، فضرب بيده في صدره وقال له: «لِيَهَنك العلم أبا المنذر»، فقد بين أن هذه الآية أعظم آية في القرآن، وهذا بين أن بعض الآيات أعظم من بعض.
وأيضا، فإن القرآن كلام الله والكلام يشرف بالمتكلم به، سواء كان خبرًا أو أمرًا، فالخبر يشرف بشرف المخبر وبشرف المخبر عنه، والأمر يشرف بشرف الآمر، وبشرف المأمور به، فالقرآن وإن كان كله مشتركًا، فإن الله تكلم به، لكن منه ما أخبر الله به عن نفسه، ومنه ما أخبر به عن خلقه، ومنه ما أمرهم به. فمنه ما أمرهم فيه بالإيمان، ونهاهم فيه عن الشرك، ومنه ما أمرهم به بكتابة الدين، ونهاهم فيه عن الربا.
ومعلوم أن ما أخبر به عن نفسه ك { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أعظم مما أخبر به عن خلقه ك { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } وما أمر فيه بالإيمان، وما نهي فيه عن الشرك أعظم مما أمر فيه بكتابة الدين ونهي فيه عن الربا؛ ولهذا كان كلام العبد مشتركًا بالنسبة إلى العبد، وهو كلام لمتكلم واحد، ثم إنه يتفاضل بحسب المتكلم فيه. فكلام العبد الذي يذكر به ربه ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر أفضل من كلامه الذي يذكر فيه خلقه، ويأمر فيه بمباح أو محظور. وإنما غلط من قال بالأول؛ لأنه نظر إلى إحدى جهتي الكلام، وهي جهة المتكلم به، وأعرض عن الجهة الأخرى، وهي جهة المتكلم فيه، وكلاهما للكلام به تعلق يحصل به التفاضل والتماثل.
قالوا: ومن أعاد التفاضل إلى مجرد كثرة الثواب أو قلته من غير أن يكون الكلام في نفسه أفضل، كان بمنزلة من جعل عملين متساويين وثواب أحدهما أضعاف ثواب الآخر، مع أن العملين في أنفسهما لم يختص أحدهما بمزية، بل كدرهم ودرهم تصدق بهما رجل واحد في وقت واحد ومكان واحد على اثنين متساويين في الاستحقاق ونيته بهما واحدة، ولم يتميز أحدهما على الآخر بفضيلة، فكيف يكون ثواب أحدهما أضعاف ثواب الآخر؟! بل تفاضل الثواب والعقاب دليل على تفاضل الأعمال في الخير والشر. وهذا الكلام متصل بالكلام في اشتمال الأعمال على صفات بها كانت صالحة حسنة، وبها كانت فاسدة قبيحة. وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
وقول من قال: صفات الله لا تتفاضل ونحو ذلك، قول لا دليل عليه، بل هو مورد النزاع، ومن الذي جعل صفته التي هي الرحمة لا تفضل على صفته التي هي الغضب، وقد ثبت عن النبي ﷺ: «إن الله كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي» وفي رواية: «تسبق غضبي». وصفة الموصوف من العلم والإرادة والقدرة والكلام والرضا والغضب، وغير ذلك من الصفات تتفاضل من وجهين:
أحدهما: أن بعض الصفات أفضل من بعض، وأَدْخَلَ في كمال الموصوف بها، فإنا نعلم أن اتصاف العبد بالعلم والقدرة والرحمة، أفضل من اتصافه بضد ذلك، لكن الله تعالى لا يوصف بضد ذلك، ولا يوصف إلا بصفات الكمال، وله الأسماء الحسني يُدْعَي بها، فلا يدعي إلا بأسمائه الحسني وأسماؤه متضمنة لصفاته وبعض أسمائه أفضل من بعض، وأدخل في كمال الموصوف بها؛ ولهذا في الدعاء المأثور: «أسألك باسمك العظيم الأعظم، الكبير الأكبر»، و«لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعِي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»، وأمثال ذلك. فتفاضل الأسماء والصفات من الأمور البينات.
والثاني: أن الصفة الواحدة قد تتفاضل، فالأمر بمأمور يكون أَكْمَل من الأمر بمأمور آخر، والرضا عن النبيين أعظم من الرضا عمن دونهم، والرحمة لهم أكمل من الرحمة لغيرهم، وتكليم الله لبعض عباده، أكمل من تكليمه لبعض، وكذلك سائر هذا الباب. وكما أن أسماءه وصفاته متنوعة، فهي أيضا متفاضلة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع مع العقل، وإنما شبهة من منع تفاضلها من جنس شبهة من منع تعددها، وذلك يرجع إلى نفي الصفات، كما يقوله الجهمية لما ادعوه من التركيب، وقد بينا فساد هذا مبسوطًا في موضعه.

كتاب الحسنة والسيئة لابن تيمية

 

 الحسنة والسيئة لابن تيمية

 https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/6/6e/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A6%D8%A9.pdf

============

 

ج11. فهرست تاريخ الطبري

  فهرست تاريخ الطبري    فهرست تاريخ الطبري فهرس رئيسي الزمان | بدء الخلق | خلق آدم | آدم في الأرض | نوح | قصة عيسى ومريم | ملوك الفرس |...